علاج التحوّل في إسرائيل والعالم: نظرة مقارنة

19 פברואר, 2017

img008

في مالطا أخرجوا "علاجات التحوّل" لتغيير الميول الجنسية للفرد خارج القانون. عندنا أيضا خرجت وزارة الصحة ضد الظاهرة. فلماذا لا نزال في الخلف في موضوع التشريع؟

# لي إيلان

في الأول من كانون الأول تحولت مالطا إلى الدولة ألأوروبية الأولى التي تحظر علاجات التحويل ـ وهي علاجات تغيير الميول الجنسية للفرد. القانون لا يحظر فقط علاجات التحويل، بل يحظر النشر عنها أو التوجيه إليها. والعقوبات في مالطة لا تُلغى: والمخالف يُعاقب بغرامة باهظة بقيمة 5383 دولار أو خمسة أشهر سجن فعلي. يتماشى هذا التشريع مع اتجاه السنوات الأخيرة التي شهدت منعطفا في العالم بالنسبة لعمليات التحويل. بدأ التغيير في الولايات المتحدة التي حظرت في العام 2012 في كاليفورنيا إجراء عمليات التحويل بالإكراه لقاصرين. وسارت وراءها ولايات مثل فيرومنت ونيو جرسي وواشنطن وأورغون وإيلينوي ونيويورك بين السنوات 2013 – 2016. وجاء التغيير التشريعي في أعقاب تغيير حاد في تعامل المؤسسة الرسمية مع الموضوع وكذلك في تعامل علم النفس والطب مع الظاهرة. والتغيير الذي حصل في أوساط مهنية لم يقفز على إسرائيل عندما نشرت نقابة الأطباء في تشرين الثاني 2011 مذكرة موقف  تعبّر عن معارضتها لعلاجات التحويل جاء فيها أنها علاجات مع احتمالات ضئيلة للنجاح، تعدم الأساس العلمي، ومن شأنها أن تتسبب للمعالَج بأضرار جسمانية ونفسية غير قابلة للإصلاح ـ وهي وجهة نظر اعتمدتها وزارة الصحة في العام 2014.

في المستوى التشريعي لا نزال في المؤخرة. في العام 2016 تم رفض اقتراح قانون العقوبات (تعديل ـ حظر توفير علاج التحويل للقاصرين)، 2015.، ، الذي فرض عقوبة سجن فعلي لمدة سنة على الذي يُجري عملية تحويل لقاصر. والأمر بصدد اقتراح قانون خاص بادرت إليه جمعية הו"ד التي تعمل من أجل المثليين المتدينين بالتعاون مع النائبة يعيل جيرمن وحزب "يش عتيد". في حين إغنا نطالب الدولة فقط بحظر هذه العمليات نجد أن مؤسسات فيها تُعنى بالتحويل تجد بعض الحفاوة في التعامل معهم ومع أهدافهم. هكذا منظمة JONAH، التي أمرت محكمة في نيو جيرزي بإغلاقها بعد أن عرضت تقديم خدمات التحويل ـ تجد لها بيتا دافئا في إسرائيل وتعمل هنا تحت اسم "الناس يستطيعون أن يتغيروا" (People Can Change). في العام 2014 فُرض على منظمة JONAH أن تدفع تعويضات إلى أربع مُعالَجين التزمت المنظمة أن تُجري لهم عمليات تحويل وطالبوها بتعويضهم عن معاناة نفسية وخداعهم. إضافة إلى هذه المنظمة، تعمل في البلاد منظمة أخرى "עצת נפש"، أقيمت في العام 2011 وتقدم فيما تقدمه بما أسمته "ميول معكوسة".

حسب معطيات جمعتها منظمة הו"ד، يعمل في إسرائيل نحو 20-30 معالجين مؤهلين لإجراء عمليات التحويل ونحو 50 مُعالجا غير مؤهلين. بمعنى أن ما من أحد يراقب هذه العلاجات. ولماذا عمليا؟ لأنه ليس في القانون الإسرائيلي أي صلاحية للمراقبة على معالجين غير نفسيين أو عاملين اجتماعيين علاجيين. والنتيجة: غياب المراقبة من جانب نقابة الأخصائيين النفسيين ووزارة الصحة.

تُقترح خدمات التحويل في إسرائيل بالأساس للمجتمع المتدين، الذي يتعرّض فيع الأفراد لضغوطات هائلة لئلا يتّبعون نمط حياة مثلي. تقترح منظمة "עצת נפש"، مثلا، على المتوجهين تغييرا كاملا في ميولهم الجنسية، ليس فقط من أجل تطبيق أحكام الشريعة اليهودية التي تحرّم العلاقات الجنسية المثلية الذكورية بل من أجل منع حصول الخواء والانحلال وغياب الروحانيات التي تعزوها المنظمة لمجتمعات المثليين والمثليات والترانسجندريين. أشار بحث أجرته منظمة הו"ד وشمل نحو 291 من الذكور خضعوا لعلاجات التحويل عن الأضرار التي تنجم من هذه العلاجات بشكل كبير. الكثيرون من المعالَجين أشاروا إلى الاكتئاب الذي أصيبوا به بعد العلاج وكذلك مشاعر كره الذات وغياب الشهية الجنسية وأزمة إيمان. وقال نحو 57% منهم أنهم ارتدوا عن التدين بعد العلاج. فقط 30% أشاروا إلى أن العلاج انتهى بالنجاح.

الوعي للأضرار من علاجات التحويل يزداد مع الثورات الجدية الحاصلة في مجال حقوق المثليين مثل التشريعات التي تُتيح زواج المثليين كجزء أساس من السياسات في الغرب. يبدو أن إسرائيل تبثّ رسائل مزدوجة عندما تحظر التمييز على خلفية الميول الجنسية، من جهة، ولكنها تُتيح من جهة ثانية لوالد أو رجل دين أن يُرسل ولدا لعلاج يرفض نوعه الاجتماعي ومن شأنه أن يتسبب له بأضرار طويلة الأمد. القانون الذي يحظر التحويل في مالطة أشمل من اقتراح القانون الذي تم إسقاطه في إسرائيل، بوصفه أقرّ أو بوصفه يحظر الظاهرة أو تأييدها وليس فقط تفعيلها مع القاصرين. يبقى أن نأمل بألا تظلّ مالطة استثناء.

* لي إيلان هي طالبة جامعية في عيادة التعددية والتنوع.