check
الحفلة ستستمر بدوننا | جنان ابو اشتية | Center for the Study of Multiculturalism and Diversity

الحفلة ستستمر بدوننا | جنان ابو اشتية

5 יוני, 2016

تساؤلات حول حيز يهودي –عربي في الجامعة باعقاب حفلة نهاية السنة بكلية المحاماة. 

في الفترة الاولى لي كطالبة, كنت أجول في ممرات الجامعة ناظرة للناس من حولي. كنت أشعر حينها أننا نتكلم عن نموذج لمجتمع اسرائيلي (تقريبا) مثالي: شابة من القدس الشرقية ترتدي الحجاب, بجانبها امرأة يهودية متدينة تتحدث مع العربي الذي يبيع لها القهوة وفي الممر يتجول طالب حريدي, والذي من الواضح انه شق مصاعب جمة للوصول الى هذه النقطة. بهذا الوصف,يبدو ظاهريا ان هذا المجتمع متنوع ومركب من ثقافات عدة. إلا أنه في الفترة الاخيرة, ولضوء الاحداث الاخيرة حول حفل نهاية السنة في كلية المحاماة, شعوري مختلف جدا .

في يوم الثلاثاء من الاسبوع القادم سوف يقام حفل نهاية العام في كلية المحاماة في الجامعة العبرية. الحدث سيقام في الايام الاولى من شهر رمضان, الامر الذي سيؤدي الى عدم اشتراك الطلاب الصائمين في هذا الحدث. قبل شهرين, ومزامنة مع نشر تاريخ الحفل, توجهت مجموعة من الطالبات لاتحاد الطلاب بالكلية لاخبارهم بانه من المتوقع ان تاريخ الحفل سيكون في اليوم الاول من شهر رمضان- الامر الذي سيعيق من اشتراكهم في الحفل .  في البداية كانت محاولات من الاتحاد لتغيير التاريخ ولكن الامر لم ينجح. بعد مرور شهر, قررت المجموعة ذاتها نشر منشور على الفيسبوك, والذي ينص بانه هناك مجموعة أخرى تتعرض للضرر بسبب تحديد التاريخ في اليوم المقرر.  في هذه النقطة بدأت محاولات مكثفة من قبل الاتحاد لحل المشكلة, فمثلا كانت محاولة اخرى (جدية هذه المرة) لتغيير التاريخ ولكن الامر لم ينجح. بالاضافة فكان هنالك اقتراح لتوفير سفريات للطلاب الصائمين للوصول للحفل بعد الافطار, ولكن هذا الاقتراح رفض من قبل الطلاب لان ساعة الافطار متاخرة ولكن بالاساس لان جو الحفلة لا يلائم اجواء الشهر الفضيل . من الممكن المقارنة مع الصوم في يوم الغفران, وهذا في حال ان ادعاءات الطلاب الصائمين ليست مقنعة حتى الان .

بهذا فإن محاولات تغيير التاريخ قد  فشلت. النتيجة هي ان الطلاب الصائمين في رمضان لن يتمكنوا من حضور الحفل, ولكن بالمقابل سيقام افطار رمضاني في الكلية في الشهر المقبل. الاحداث التي وصفتها حتى الان تطرح اسئلة عدة: لماذا, مثلا, كان تأخير في اتخاذ خطوات جدية حتى اعلاء المنشور الى الفيسبوك , ووصوله الى ادارة الكلية؟ لماذا كانت هنالك ضجة جماهيرية وصحفية متواضعة نسبة للضجة حول موضوع فصل البنات المتدينات في الحفل؟. باعتقادي انه في هذه المرحلة علينا طرح سؤال اخر: ما هو مصدر الصمت الذي ساد الكلية بعد فشل محاولات تغيير التاريخ واعتراف الكلية واتحاد الطلاب بالضرر الذي تسبب للطلاب العرب والمسلمين ؟ . ادعائي هو كالاتي: الطالبة العربية في الجامعة هي جزء من منظر التعددية الثقافية, ولكن في الواقع هي ليست جزء, الا في اماكن مقررة ومعدة لها مسبقا.  ساعرض ادعائي بمساعدة القاء نظرة على المجتمع الاسرائيلي .

كطالبة في الصف التاسع, كان يطلب منا معلم اللغة العبرية ان نشاهد الاخبار اسبوعيا, الامر الذي (حسب رأيه) سيساهم في تحسين لغتنا العبرية. في هذه الطريقة, كنت مضطرة انا ورفاقي أن نشاهد احدى القنوات الاسرائيلية والتي تبث بالعبرية, لكي نخبر الاستاذ في اليوم القادم عن هذه الاخبار. الان, وبعد سنين عدة من القيام بمهمة المعلم الاسبوعية, انا مقتنعة بأن الصحافة أدت بي لان اتكلم لغة اخرى: فهي ساعدتني بأن اتكلم الاسرائيلية. اللغة التي انكشفت اليها كانت مركبة من عوامل عدة: الشرقيين- الغربيين, المتدينين-العلمانيين, اليمينيين- اليساريين. بينما أنا, "العربية", كنت مغيبة بكل هذا, عدا عن الظهور في اماكن مقررة لي مسبقا. بهذا مثلا, العرب ليسوا جزءا من البث في ساعات المساء, عدا عن مقابلات مع اعضاء كنيست عرب باعقاب حديث "خطير" على الحيز العام الاسرائيلي, او بث برنامج "شغل عرب" والذي لم يشاهده قسم كبير من المجتمع الاسرائيلي, والقلة التي شاهدته على الاغلب لم تذوت ان البرنامج هو كوميديا مؤلمة ( "في الصحافة الاسرائيلية لا يحبون النساء العربيات " http://www.haaretz.co.il/gallery/television/.premium-1.2944461). فمثلا لا يتكلمون عن الحاجة لاقامة جامعة في البلاد العربية, توسيع البنية التحتية وترميمها, اقامة بلدة عربية واحدة او حتى على مشاكل داخلية في المجتمع العربي. وفي نفس الطريقة لا يتكلمون عن مبادرة امرأة من سخنين لاقامة مطعم للنساء (http://www.haaretz.co.il/news/education/.premium-1.2696567 ) ولا يذيعوا عن قتل امرأة عربية في نشرة المساء.

النتيجة هي ان الجمهور الاسرائيلي ينكشف فقط للاعلام الاسرائيلي, والذي يعتبر ظاهريا متعدد الثقافات (مثلا برنامج "شغل عرب" يبث بعد نشرة المساء, وهنالك مشترك عربي في برنامج "الاخ الاكبر"), ولكتب المدنيات في المدارس اليهودية والتي يدرسون فيها عن المساواة والحقوق الجماعية. في هذه الصورة, انا العربية لم اكن جزءا من الحوار الاسرائيلي , ولم اظهر كمن تطلب حق شرعي وتحصل عليه, وانما اظهر تقريبا دائما كمن تتذمر ولا تاخذ شيئا (او تحصل على القليل).

اللغة الاسرائيلية, والتي حاولت عرضها بواسطة الاعلام الاسرائيلي, علمت كل الجهات البقاء والتمسمر في اماكنهم, وكأننا نتكلم عن "وضع قائم" اجتماعي, فالمكان المقرر لي كعربية والذي من الممكن ان اظهر به هو ان اطلب حقوقي (من فترة لاخرى) واتقبل عرض للتخفيف من الأذى, لجانب الاعتراف  (أحيانا) من قبل المؤسسة بالاذى والضرر. وبهذا, يستمر الصمت ويسود المجتمع الاسرائيلي كل مرة من جديد, بعد بث تقرير عن تمييز العرب في سوق العمل او على قتل امرأة عربية. في هذه الطريقة, فان الاغلبية المسيطرة ترضى بمجرد الوجود (القليل برأيي) للاقلية العربية في المنظر, وتكمل بانكار فكرة ان هذا الحضور هو غير ملائم ولائق.

في كلية المحاماة, سيقام في الاسبوع القادم حفل نهاية العام بدوننا. بالاضافة, ففي الاسبوع القادم سيقام يوم الطالب في الجامعة العبرية بدون حضور الطلاب العرب, في الحدث الكبير لنهاية السنة والذي من المفترض ان يكون "للجميع". السبب هو ان يوم الطالب يقام سنويا ب"يوم القدس" والذي يعتبر يوما مفرحا لاغلبية الشعب اليهودي ويوما محزنا للشعب العربي. ك"تعويض" عن عدم حضور الطلاب العرب, فالكتل الطلابية الحزبية تقيم حفلا بديلا للطلاب العرب. برأيي, المنفرد هو غير متساوي, والحدث البديل يعزز (بعكس المتوقع) الشعور بالبعد والغربة عن الطلاب العرب ويشعرهم بانهم بالفعل ليسوا جزءا من المنظر المتعدد الثقافات. قلة الوعي التي ظهرت عند الطلاب في كلية المحاماة بالنسبة لحلول شهر رمضان والادعاءات حول "الجهل" بالنسبة للتقاليد في ايامات الصوم, بالاضافة الى اقامة يوم الطالب بدون حضور الطلاب العرب- يضعون اسئلة جمة امام الذين يدعون باننا نعيش في مجتمع متعدد الثقافات. باعتقادي ان هذا يبرهن الادعاء بالنسبة لعدم الحضور الحقيقي للاقلية العربية في المجتمع الاسرائيلي عامة وفي الجامعة خاصة.