check
ذكريات من أعياد أخرى | Center for the Study of Multiculturalism and Diversity

ذكريات من أعياد أخرى

8 מרץ, 2017

img004

من المدرسة الثنائية اللغة إلى الجامعة: عرين ناشف

عن حيزيْن مُشتركيْن وعن التطلّع إلى تعددية ثقافية حقيقية

# عرين ناشف

قبل أسبوع، حلّ عيد الميلاد. أحيوا العيد في كلية القانون بشجرة مزينة وتوزيع الشوكولاطة على الطلبة. وقبل أيام من ذلك، صادف عيد الأنوار الذي تم إحياؤه بإضاءة احتفالية للشموع وتوزيع مخبوزة خاصة (סופגניה) في مكتبة الكلية. ذكرني هذا الأسبوع في الجامعة بتجربتي في المدرسة ثنائية اللغة. أذكر بوجه خاص عندما صادف في سنة واحدة عيد الميلاد وعيد الأضحى وعيد الأنوار في الأسبوع ذاته. أقمنا احتفالا مشتركا مع كل التلاميذ والعائلات، وكل واحدة من ديانة أخرى، وثقافة ولغة أخرى. أذكر الشعور الطيب الذي ساد المناسبة وأن كل واحد منّا يستطيع أن يحتفل بعيد الآخر دون أن يشعر بالمسّ بعيده هو. ذكّرتني الاحتفالات في الكلية هذا العام بالمشاهد في حينه، إلا أن المشاعر ـ كانت مختلفة عن تلك التي شعرت بها، عندما احتفلت مع الأصدقاء قبل بضع سنوات.

كثيرا ما أُسأل كيف جرت الأمور في المدرسة ثنائية اللغة التي تعلمت فيها من سن الروضة. أجيب أنه في السنوات الست الأولى تدرّس في كل صفّ معلّمتان، تمرران كل منهما المادة بلغتها. في الصفوف التالية، تتواجد مدرّسة تتحدث بلغتها فقط. كثيرون لا يكتفون بهذه الإجابة ويحاولون أن يفهموا أكثر فيسألون: "لكن كيف تمّ ذلك"؟ ويقصدون اللغة والهوية والأعياد والأيام الوطنية ومسائل أخرى. في كثير من الأحيان أجد نفسي مضطرة للبحث عن إجابة مُقنعة، لكني أكتشف أنني لا أستطيع أن أقع على إجابة واحدة، فأجيب ـ الأمور سارت على ما يُرام. من الصعب عليّ أن أشرح تجربة خاصة مررت بها لأنه على مدار سنوات طويلة كان ذلك الأمر الوحيد الذي عرفته، وكان طبيعيا في نظري. لا أعرف كيف جلست وأنا في الصفّ الأول بجانب طالبة يهودية وقررنا أن نصبح أفضل الصديقات رغم أننا لم نعرف تبادل أي كلمة بيننا.

خلال السنوات التي كنت فيها طالبة في المدرسة، ادعى الكثيرون أننا في فقاعة، وفي اليوم الذي سنحرج فيه إلى الدنيا سنكتشف أن الواقع مغايرا. عادة ما رفضت هذا الادعاء. آمنت أن في مجتمعنا صعوبة في التعامل مع الواقع خارج المدرسة. واليوم، كطالبة سنة ثالثة، بدأت أفهم الفجوة في الفهم. لم تعد القيم التي كبرت عليها وكانت واضحة، مفروغا منها بالنسبة لي، خارج جدران المدرسة الثنائية اللغة، كان عليّ أن أتكيّف لواقع آخر. ولا أقصد واقعا ألتقي فيه بأناس من خلفيات مغايرة أو آراء تختلف عن آرائي ـ كل هؤلاء قابلتهم خلال دراستي في المدرسة. قصدي هو الواقع الذي يفهم فيه الناس هويتي فقط بواسطة مركّب واحد وحيد فيها، وهو الذي يقرر مَن أكون ومَن يكن أصدقائي وما هو إطاري الاجتماعي ـ أنا عربية. عندما وصلت الجامعة أدركت أن هويتي حدّدت كيف تكون علاقاتي مع بقية الطلبة، تبعا للهوية التي تحدّدت لهم كعرب أو يهود. في المكان حيث حدّدت الهوية مَن أكون، حددت من يكون الآخرون أيضا، ولأول مرة في حياتي أشعر أنني أقلية. كيف حصل أنني الآن فقط شعرت بأني أقلية، قد تسألون، عِلما أنني عرفت طيلة حياتي من ناحية ديمغرافية وجوهرية أن العرب في إسرائيل هم أقلية. في نظري، كان لذلك معنى سياسي واجتماعي وليس شخصيا. دائما ما عرفت مَن أكون ومَن أين أتيت وما هي الأمور التي أومن بها. نشطت في كل إطار كنتُ فيه من أجل الإقناع بمواقفي، لكن لم أشعر أبدا أنني أخوض معركة ضد الأكثرية كي أقول رأيي. الآن، بعد ثلاث سنوات في الجامعة، حقيقة أنني عربية تسير أمامي، وكل موقف أعبّر عنه في كل شأن، ديني ـ قومي ـ سياسي ـ ثقافي يواجه معارضة أردّ عليها في العادة كأقلية مقابل أكثرية.

كان المفروض أن يكون الاندماج في الحياة الجامعية طبيعيا من ناحيتي، فهي إطار تعلّمي يضمّ أناسا من كل شرائح السكان في إسرائيل كما كنتُ تعوّدت من قبل. ولكن ما أكتشفه عمليا يوما بعد يوم أنه بالرغم من التنوّع في أروقة الجامعة وكلية القانون تحديدا، ليس بيننا تعددية ثقافية حقيقية، ومن هنا الفجوة بين الواقع الذي عرفته وأنا في المدرسة وبين الواقع الذي أعيشه اليوم.   

*الكاتبة هي طالبة في العيادة من أجل التعددية الثقافية والتنوع.