check
التعددية الثقافية في عهد ترامب? | Center for the Study of Multiculturalism and Diversity

التعددية الثقافية في عهد ترامب?

19 פברואר, 2017

img009

انتخاب ترامب لرئاسة الولايات المتحدة يرمز في أعين الكثيرين إلى انتهاء عهد التعددية الثقافية في الدولة العظمى خلف البحار. إذن لماذا بالرغم من هذا عيّن الرئيس كلا مِن مكمهون وكرسون لمناصب مفصلية؟

# نير دوربان

انتصار دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية فاجأ العالم، وعبّر برأي الكثيرين عن اتجاهات في الشعب الأمريكي، الذي عاف، كما زفّت إلينا العناوين، التعددية الثقافية وتقبّل الآخر. كيف ستبدو الإدارة الأمريكية في اليوم التالي؟ فقط مؤخرا، أعلن الرئيس المُنتخب عن تعيين ركس يلرسون، مدير عام مجمع الهائل للطاقة إكسون ـ موبايل لمنصب وزير الخارجية. وانضم هذا التعيين إلى تعيين ليندة مكمهون وبِن كرسون في مناصب هامة ـ سلسلة من التعيينات لا تطرح السؤال حول علاقة الرأسمال بالسلطة في الإدارة الجديدة فحسب بل حول إقرار إدارة ترامب (أو عدم إقرارها) بأهمية إدارة متعددة الثقافات.

إذن، هل من المتوقّع أن نرى في الإدارة المتبلورة للدولة ألأقوى في العالم تعبيرا عن التنوّع الإثني لسكان الولايات المتحدة، أو أن الطريق الآن مفتوحة لسلطة الرجال البيض الأغنياء مرتدي البذلات؟ "ترامب هو رجل أعمال"، يقول عن ذلك أساف يحزقئيلي، مراسل الأخبار العالمية في القناة 2. "الحديث ليس عن سياسي وهو لا يحاول بالطبع أن يكون نبيا يحمل بشارة الأصول السياسية إلى الجمهور الأمريكي". حسب يحزقئيلي، المبدأ الذي يوجّه ترامب في تعيين طاقمه هو "الثقة التي يوليها لأناس ذوي رصيد مؤسس على النجاح في عالم الأعمال".

خذوا مثلا تعيين ليندة مكمهون، التي من المفروض أن تشغل منصب رئيسة سلطة المصالح الصغيرة في الولايات المتحدة. مكمهون أسست وأدارت مع زوجها الشركة التي تفعّل امتياز عروض المصارعة ـ WWE، وهو امتياز كان ترامب نفسه شريكا فيه في السابق. كان يُمكن الادعاء أن الأمر بشأن تعيين نسوي يعكس إيمان ترامب بتمكين المرأة، إذ أن الأمر بشأن منصب كبير يوجّه سياسات اقتصادية وطنية. كما أن حقيقة ضلوع مكمهون بتأسيس وترؤس شركة ترفيهية تقدم عروضا في المصارعة مشبعة بالتسترون يُمكن أن تُحسب كأمر منعش ـ في نهاية الأمر، الحديث يدور عن امرأة قوية في "عالم ذكوري". إلا أن التصريحات المثيرة للجدل التي أطلقها ترامب لا تؤشّر عليه كحامل لواء النسوية. ومن الصعب أن ننسى أن مكمهون وزوجها تبرعا بما لا يقلّ عن سبعة ملايين دولار لحملة ترامب.

تعيين آخر هو د. بن كرسون الذي عيّن سكرتيرا لوزارة الإسكان والتطوير المديني. د. كرسون، هو جراح أعصاب في مهنته نافس ترامب في الانتخابات التمهيدية على ترشيح الحزب الجمهوري، وبعد انسحابه أعلن تأييده لترشيح ترامب. كرسون هو عمليا موديل نجاح أمريكي نموذجي في مجال التعددية الثقافية. فهو من أصل أفريقي نشأ في حي فقر في دترويت مشيجن، وبالرغم من كل هذا امتاز في دراسته وفي مسيرته الطبية والأكاديمية وحاز على جائزة الحرية الأمريكية في العام 2011.

بالرغم من ذلك، وعدا الأفكار المحافظة التي يتبناها كرسون (كان كرسون من المعارضين البارزين لمشروع "أوباما كير" وشمل كل المواطنين بالتأمين الصحي)، فإن تصريحاته على مدار حملته هو أن التعددية الثقافية والتسامح العرقي لا يعنيانه من قريب أو بعيد. "ينبغي فحص اللاجئين السوريين الوافدين إلى الولايات المتحدة مثل الكلاب المصابة بالكلَب"، "زواج المثليين هو انتهاك لإرادة الرب ومن شأنه أن يؤدي بالجنس البشري إلى الفوضى" ـ جزء من الجواهر التي نطق بها كرسون خلال حملته.

" تعيين كرسون، المحسوب كمحافظ متشدّد وحامل أفكار متطرّفة حتى بالنسبة لأجزاء كبيرة من الجمهوريين، هو تعبير آخر عن الإخلاص المصلحي الذي يؤمن به ترامب"، يقول يحزقئيلي. هكذا مثلا، عندما تفجّرت قضية أشرطة الفيديو المتعلقة بترامب وسارع الكثير من الجمهوريين للتنصل منه، أبدى كرسون دعمه له وإخلاصه الأمر الذي يكافئه عليه ترامب بتعيينه في المنصب المذكور.

لغرض المقارنة فقط، نشير إلى أن الشخص الذي أشغل المنصب إلى حين مجيء كرسون هو حوليان كاسترو، ابن لمهاجرين لاتينيين، وكان عيّنه الرئيس أوباما لوزير الإسكان في العام 2014. ويُذكر أن السكان اللاتينيين وموضوع المهاجرين من المكسيك فازا باهتمام سلبي غير قليل من ترامب خلال الحملة الانتخابية. وحسب يحزقئيلي، فإن احتمال تعيين لاتينيين في إدارة ترامب ضئيل بالرغم من نسبتهم العالية من سكان الولايات المتحدة ـ حوالي 20%. كاسترو لم يكن التعيين الأبرز الذي يعكس التعددية الثقافية في زمن أوباما، أمكننا أن نجد بين التعيينات الهامة المدعية العامة لوريتا لينتش، وهي من أصل أفريقي متخصصة في القانون وتحظى بتقدير، وزير المالية جييك لو، وهو يهودي حريدي أمريكي وآخرون. ونجد في الطاقم الموسّع لأوباما ست نساء ووزيرين من أصل أفريقي هذا بدون الرئيس أوباما نفسه.

يبدو من التعيينات الأخيرة لترامب إذن أن روح التجارة والأعمال التي أتى بها ترامب سوف تغطي على كل بُعد اجتماعي أو ثقافي آخر. ومع هذا علينا أن نستدرك ونقول مثلما أخفقت التوقعات بالنسبة لنتائج الانتخابات، هكذا أيضا التوقعات بشأن طبيعة الإدارة ولونها يُمكن أن تتضح كتوقعات خاطئة.

نير دوربان هو طالب في عيادة التعددية الثقافية والتنوّع.